في الماضي كان الاقتراب من هاتف
المنزل
محظوراً وممنوعاً إلا على الوالدين وإذا رن الهاتف تتعالى أصواتهم من بعيد لا أحد يرد
في الماضي كان الأب عملاقا كبيرا، نظرة من عينه تخرسنا و ضحكته تطلق أعيادا في البيت..
وصوت خطواته القادمة
إلى الغرفة تكفي لأن نستيقظ
من عميق السبات
في الماضي كانت المدرسة التي تبعد كيلومترات
قريبة لدرجة أننا نمشى إليها كل صباح
ونعود منها كل ظهيرة، لم نحتاج إلى باصات مكيفة
ولم نخش على أنفسنا
ونحن نتجول في الحارات
في الماضي لم تكن هناك جراثيم على عربات التسوق
ولم نعرفها في أرضيات البيوت
ولم نسمع عنها في إعلانات التلفزيون
ولم نحتاج لسائل معقم ندهن فيه يدينا كل ساعتين
لكننا لم نمرض.
في الماضي كانت للأم سلطة
وللمعلم سلطة
وللمسطرة الخشبية الطويلة سلطة
نبلع ريقنا أمامها
وهي وإن كانت تؤلمنا
لكنها جعلتنا نحفظ جزء عم وجدول الضرب
وأصول القراءة وكتابة الخط العربي
ونحن لم نتعد التاسعة من العمر بعد
في الماضي كان ابن الجيران يطرقُ الباب ويقول أمي تسلم عليكِم وتقول عندكم بصل .. طماطم .. بيض .. خبز
إخوان في الجوار والجدار وحتى في اللقمة
في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءً تصبح فارغة
في الماضي كان الستر في الوجوه الطيبة الباسمة
وكانت أبواب البيوت مشرعة للجيران
والترحيب يُسمعُ من أقصى مكان
وكنا نتبادل أطباق الطعام
والآن نتبادل الشكوك وسوء الظن والآن عرفتم من هم الطيبين الذين رحلوا ؟
نعم إنها الأنفس التي تغيرت وأعمتها الحضارة كما يقولون!
حضاره ألبستنا أرقى أنواع الملابس..
وعرتنا من القيم الإنسانية.....!!